خلق التغاضي

ترك رجل زوجته وأولاده من أجل وطنه، قاصداً أرض معركة تدور رحاها على أطراف البلاد، وبعد انتهاء الحرب وفي أثناء العودة أُخبر بأن زوجته مرضت بالجدري في غيابه، فتشوة وجهها كثيراً جراء ذلك.
تلقى الرجل الخبر بصمت وحزنٍ عميقين شديدين، وفي نهاية اليوم اللاحق شاهده رفاقه مغمض العينين، فرثوا لحاله
وعلموا حينها أنه لا يبصر، فرافقهوه إلى منزله وأكمل بعد ذلك حياته مع زوجته وأولاده بشكل طبيعي.
وبعدما يقرب من خمسة عشر عاماً توفيت زوجته، وحينها تفاجأ كل من حوله  بأنه عاد مبصراً بشكل طبيعي، وأدركوا أنه أغمض عينيه طيلة المدة، كي لا يجرح مشاعر زوجته عند رؤيته لها.
تلك الإغماضة لم تكن من أجل الوقوف على صورة جميلة للزوجة، ومن ثم تثبيتها في الذاكرة والانكاء عليها كلما لزم الامر. لا. لكنها من باب المحافظة على سلامة العلاقة الزوجية.
حتى لو كلف ذلك أن نعمي عيوننا مدة طويلة، خاصة بعد نقصان عنصر الجمال المادي المعبر المفروض إلى الجمال الروحي،.
ربما تكون تلك القصة من النوادر، أو حتى من محض الخيال.
الحكمة
نحتاج في أحيان كثيرة أن نغمض أعيننا عمن نحب في هفواته وزلاته، وحتى في وضع لا يوجد له حل
من أجل سعادتنا وسعادة من نحب، ونكون ممن أغمض عينيه قليلاً عن عيوب الآخرين وأخطائهم،
كي لا يجرح مشاعرهم.
Scroll to Top