تجربتي مع كورونا: الفيروس الذكي

الكثير منّا تعرّض لفيروس كورونا (كوفيد-19)، وتفاوت تفاعل الناس مع هذا المرض. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من تجاوزه بسهولة ومر عليهم مرور الكرام ومنهم من أخذ بهم فلم يتركهم إلا وقد جعلهم يدركون ما هي سكرات الموت وهنا تكمن تجربتي.

لأكثر من عام ونصف، نجحت في تجنب الإصابة بالعدوى، علماً أنني سافرت خلاله بانتظام  إلى لبنان بغرض الإلتقاء مع العائلة. إلا أن المرض نجح في أن يتغلغل ببدني من خلال عدوى أصابتني من صديقٍ مقرّب.

قيل: “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى“، فمن فقد الصحة، فقد الراحة. ولن يعقل معنى الصحة والراحة إلا من فقدها أو تعرض لهذا الفيروس وظهرت عليه أعراضها ومنها:

  1. حمّى
  2. الجاثوم (شلل النوم)
  3. ضيق في التنفس
  4. إرهاق
  5. آلام وأوجاع في كافة الجسد (وبالأخص العظام ومنها عظام القدمين)
  6. إسهال وإستفراغ
  7. صداع
  8. سعال جاف
  9. غياب الشهوة
  10. فقدان الوزن

 

1) الحمّى: من عوارض فيروس كورونا المشتركة مع كثير من الناس هي الحمّى. والحمّى ترفع من درجة حرارة الجسم كما نعلم وتؤدي إلى قصور في بعض وظائف الجسم وتنعكس بعلامات عامة منها الهلوسة والجاثوم.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ

2) الجاثوم: قد تظن بأن الأمر غريب، ولكن بالفعل حصل معي وهي الهلوسة وكثرة الأحلام والكوابيس المزعجة والتي تتعلق بزيادة درجة حرارة الجسم، حتى وصل بي الأمر بأن أكلّم النّاس دون دراية مني وعدم إستطاعة النوم بسبب كثرة الكوابيس والشلل الليلي وضيق التنفس والذي يظهر بوتيرة عالية أيضاً في الليل.

3) ضيق في التنفّس: في حالتي لو لم يكن متوفر لدي في المنزل جهاز داعم للتنفس بالأدوية المناسبة لما كنت اكتب هذه الكلمات الآن، فضيق التنفس هو العامل الأبرز في ذكاء هذا الفيروس الذي يتحكم بكامل الجسم بسهولة مطلقة وكأنه يتحكم بكافة الخلايا على أنغام موسقية بإنسجام تام وكان مستعد بالقضاء عليّ بكل بساطة وسلاسة.

4) الإرهاق: تصور أن تذهب إلى الخلاء وأنت تستند إلى عكّازة أو إلى الجدار! هذا ما حصل معي لدرجة بأنني لا يمكنني الجلوس في بيت الراحة بسبب الدوّار والدوخة وعدم إستطاعة القيام مجددا. فالإرهاق من العلامات البارزة لفيروس كورونا.

5) الآلام والأوجاع: تكون في كافة الجسد وبالأخص في العظام ومنها عظام القدمين والساقين. فالشعور هو كأنّ هناك شيء ينخر في العظام وتتآكل شيئاً فشيئاً.

6) إسهال وإستفراغ: كما ذكرنا سابقاً فإنّ هذا المرض ذكي ويتعامل بدراية داخل الجسم. فهو يمنع عنك الطعام والشراب (المريض لا يكون لديه رغبة في المطعم والمشرب)، وكذلك الأمر يحاول جاهدا بأن يجعلك تفقد كافة المصادر الغذائية لبدنك من خلال إستخراجها بشكل دوري من الجسم عبر الإسهال والإستفراغ.

7-8) صداع وسعال جاف: الصداع ليس مستمر ولكن السعال يستمر بشكل دائم حتى بعد الإنتهاء والشفاء من المرض لما يقارب الـ 10 أيام.

9) غياب الشهوة: لا تستغرب إن وجدت بأنّ الشهوة لديك معدومة بالكامل، فأنت لن تستطيع أن تقوم بعلاقة زوجية خلال فترة الكورونا لا للمرض وحسب وإنما لإنعدام الشهوة والرغبة الجنسية، وسيستمر معك هذا الأمر بعد الشفاء لمدة لا تقل عن 3 أسابيع.

تنويه: طبعا هنا نتكلم عن تجربة شخصية فلا يوجد كلام معمّم فالأمر يتفاوت كما ذكرنا بين حالة وأخرى.

10) فقدان الوزن: فقدت 11 كيلو خلال فترة وجيزة ولكن لا تكمن المشكلة هنا. تكمن المشكلة بأن علامات الموت تظهر على وجهك. فالضعف والوهن الحاصل من المرض يبين بأن خسارة الوزن لم تكن طبيعية والوجه يظهر ما خفاه البدن.

حاولت استخلاص بعض العبر من تجربتي مع كوفيد 19 لعل فيها جانبا مشرقا. وبالنتيجة تبين لي أن الدرس الوحيد يتمثل في إدراك معنى الحياة والموت والإستعداد لما بعد هذه الحياة الحاليّة

  • ما بعد كورونا؟

بعد الشفاء من كورونا، ستجد لديك حالة إكتئاب حادة تجعلك تبتعد عن الحياة الإجتماعية والرغبة وعدم القدرة للتواجد في المنزل. هنا يتوجب ان تقوم بالتالي:

  1. الخروج من المنزل كل يوم لمدة لا تقل عن 10 أيام، وتنويع الأنشطة حتى لو كانت بسيطة مثل المشي أو الفطور في مطعم من المطاعم … إلخ.
  2. أخذ المقويات منل فيتامين د وكافة الفيتامينات التي تساعد في تعويضك الموارد الغذائية التي خسرتها خلال المرض.
  3. خذ عطلة من العمل إن أمكن وأخرج بانشطة جماعية او سفر داخلي من منطقة إقامتك إلى منطقة يغلب عليها الطبيعة الخلابة.

الخلاصة

في النهاية، يجب أن نتذكر نعم الله علينا وبالاخص نعمة الصحة ونعمة الدين الذي علمنا كيف نتعامل مع الأمراض وألبسنا ثقافة الصبر والإحتساب.
وأن نتذكر كل من دعمنا ودعا لنا وساندنا في محن الحياة فهم من يكون لنا عوناً في الرخاء والشدة وأعلاها الأهل والزوجة والأصدقاء.
Scroll to Top