سألت أحد أصدقائي الغزاويين، الذي فقد أخاه شهيداً في الحرب وهُجّرت عائلته الكبيرة إلى الخارج، عن تقديره للموقف في حال جرت انتخابات جديدة في غزة. كان جوابه صريحًا: الناس في غزة ستُحاسب حماس. فهم يرغبون بها كقوة مقاومة، لكنهم لا يريدونها في الحكم.
لا يمكن الاعتماد على رأي شخص واحد لتقدير الموقف بأكمله، ولكن من خلال متابعة النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أن الشعب الغزّاوي المنهك من الحروب يتطلع إلى نهايتها. هناك توجّه واضح لإلقاء اللوم على من كان له يد في اشتعالها.
الاستياء في لبنان: نموذج حزب الله
من الملاحظ أن البيئة الحاضنة لحزب الله في لبنان بدأت تُظهر استياءً من استمرار الحرب. الانتقادات تتوجه إلى الحزب باعتباره منح الإسرائيلي ذريعةً لإطلاق عدوانه. هذا الاستياء يظهر بوضوح لدى الفئات المتضررة مباشرة، إذ دمرت مصالحهم وبيوتهم، في حين أن المناطق الأقل تأثرًا تبقى بعيدة نسبيًا عن هذا الشعور.
السلام والتطبيع: بين الاتهامات بالعمالة وخيارات الواقع
لطالما اُتهم بعض القادة العرب بـالعمالة بسبب اختيارهم السلام والتطبيع مع إسرائيل. لكن إذا نظرنا بواقعية، نرى أن هؤلاء القادة رأوا أن مواجهة إسرائيل تعني مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها، وهي معادلة صعبة. الرئيس المصري الراحل أنور السادات كان واضحًا حين قال إن الحرب ضد إسرائيل تعني الحرب ضد أميركا أيضًا.
لا يعني هذا دفاعًا عن القادة العرب، فكثير منهم أخفق في بناء دول قوية قادرة على تلبية طموحات شعوبها، بل أسسوا أنظمة فاسدة زادت الفقر والاستبداد. ولكن، في ملف السلام والتطبيع، جاءت قراراتهم بعد حروب مريرة وتجارب أثبتت صعوبة تحقيق النصر العسكري.
الشعوب المنهكة من العدوان قد تتفهم، ولو جزئيًا، خيارات القادة الذين سلكوا طريق السلام للتخفيف عن مواطنيهم وإنهاء معاناتهم. وفي المقابل، من يعيش في دول آمنة يطالب بالاستمرار في الحرب، دون إدراك الكلفة التي يدفعها من هم في قلب الصراع.
مواقف متباينة في العالم الإسلامي
نجد أمثلة مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حافظ على علاقات بلاده مع إسرائيل، موازنًا بين المعارضة الشعبية لهذه العلاقة وواقع السياسة الدولية. كذلك، الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، رغم انتمائه لجماعة ترفض إسرائيل، لم يُلغِ اتفاقية كامب ديفيد إدراكًا لواقع مصر واحتياجات شعبها.
التفكير في المستقبل
الاختيار بين المقاومة والسلام ليس قرارًا سهلًا، بل يعتمد على واقع كل دولة، والظروف السياسية، والضغوط الاقتصادية. قد يرى البعض أن السلام، رغم عيوبه، خيار أفضل من استمرار الحروب التي لا تحقق إلا المزيد من الدمار.