إن الأرض تتهيأ لأمر عظيم

“ولستُ أبيعكَ الوهمَ في سوقِ الكلام.
إنَّ هذه الأرضَ تتهيأُ لأمرٍ عظيم لن يطول، أو تحسبُ أنَّ كلَّ هذا الدَّم عند اللهِ سيذهبُ سُدى؟
واللهِ لو أنَّ أهلَ بيتٍ قاموا إلى غنمٍ لهم، فسفكوا دمَ مئة ألفٍ منها وألقوها كِبْراً وبَطراً، لعاقبهم الله، فكيف والدِّماء التي سُفكتْ هي دماء يشهدُ أصحابها للهِ بالوحدانية، ولنبيِّه بالرِّسالة؟!
لا أحد أعدل من اللهِ يا صاحبي، لا أحد.
هاتِ قلبكَ
وتعالَ بنا نتذاكرُ قليلاً
اِجْلِسْ بنا نُؤمنُ ساعة
بربِّكَ قُلْ لي: متى أهلكَ اللهُ تعالى الباطل وهو ضعيف؟! لن تجدَ حالةً واحدة، فلا تتعبْ.
إنَّ الله تعالى لا يأخذُ الباطل أخذَ عزيزٍ مقتدرٍ إلا وهو في أوجِ قوَّته وغطرسته.
- حين أهلكَ اللهُ فرعون؛ لم يهلكه بتغيير موازين القوى، وإنما أهلكه وهو يقول: أنا ربكم الأعلى، أخذه وهو في أوج قوّته، على رأسِ جيشه المدجج.
- وحين أهلكَ اللهُ قومَ لوطٍ؛ لم يهلكهم حين ضعفوا، وإنما أهلكهم وفي أشدّ لحظات حياتهم قوةً وفجوراً، وقد جاؤوا إلى دار لوطٍ يريدون أن يأخذوا ضيوفه.
- وحين أهلكَ اللهُ أبا جهلٍ؛ لم يُهلكه بتغيير موازين القوى، وإنما أهلكه وهو في قمَّة جبروته، يريدُ أن يَرِدَ ماء بدرٍ، فينحرُ الجُزرَ، وتعزف قيانه، حتى تسمعَ بفجوره العرب.
- وحين أهلكَ اللهُ النمرود؛ لم يهلكه في لحظة ضعفٍ، وإنما أهلكه وهو في قمّة غطرسته، يُنادي في النَّاس: أنا أُحيي وأميتُ.
- وحين أهلكَ اللهُ عاداً؛ لم يهلكها بتغيير الأسباب، وانقلاب الموازين، وإنما أهلكهم وهم يقولون: من أشدُّ منّا قوَّة.
- وحين أهلكَ اللهُ ثمود؛ فإنما أهلكهم وهم ما زالوا يجوبون الصَّخر بالواد.
- وحين شتَّتَ اللهُ شمل الأحزاب يوم الخندق، كانت الأرض قد ضاقتْ على المومنين بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر.
- وحين أهلكَ اللهُ تعالى الرُّومَ؛ لم يُهلكهم وهم ضعاف، وإنما أهلكهم في اليرموك وهم أكثر عدةً وعتاداً.
- وحين أهلكَ اللهُ الفرسَ؛ لم يُهلكهم بعد أن سحبَ بساطَ الأسباب من تحت أرجلهم، وإنما أهلكهم في القادسيَّة وقد كان لهم قبلها صولة وجولة.
يا صاحبي، واللهِ لئن طالتْ بكَ حياة لا تتجاوز العامين بإذن الله، لترينَّ الرَّجل منا يأتي المسجد الأقصى لا يخافنَّ إلا الله والذئب على غنمه، وإنَّ غداً لناظره قريب.”