في عالم “باتمان”، نرى الشرّ والخير مرسومين بخطوط واضحة: باتمان بطلٌ يُجسّد الخير والعدالة المطلقة، والجوكر يمثّل الشرّ المتفلت من كل قيد. لكن بمجرد دخول “ذو الوجهين” إلى الصورة، يتعقد المشهد. فهو ليس شريراً خالصاً، بل شخصية تتبنى بعض الخطوط الحمراء، وترفض القتل لمجرّد القتل. إن هذا الطيف الرمادي يعكس حقيقتنا كبشر، حيث لا وجود لخير مطلق أو شر مطلق في الواقع.
ولو نقلنا هذه النظرة إلى عالمنا الحقيقي، سنجد أن التاريخ الحديث يعجّ بأحداث تؤكد غياب القيم المطلقة. لننظر إلى الثورة السورية على سبيل المثال، تلك التي انطلقت شرارتها عام 2011 ضد نظام بشار الأسد القمعي. لسنواتٍ طويلة، مثّل الأسد ونظامه قمة الطغيان، إذ واجه الشعب السوري القمع الوحشي والتنكيل المستمرّ. هنا، ظهر الشرّ في صورته الحقيقية: عنف، تدمير، واستباحة للأرواح.
ورغم هذا التمادي في القسوة، لم يكن الشرّ مطلقاً قادراً على الاستمرار إلى الأبد. فبمرور السنوات، أدرك العالم أن سقوط النظام بات قاب قوسين. وفي النهاية، اضطر بشار الأسد إلى الهروب من ساحة المعركة السياسية، متجهاً إلى روسيا بحثاً عن ملاذ آمن. هذه اللحظة تؤكد حقيقة أن الشرّ مهما بدا مطلقاً، يبقى له حدٌ زمني، وأن منطق القوة لا يستمر خارج إطار الإنسانية إلى ما لا نهاية.
هكذا، نجد رابطاً -ولو بسيطاً- بين خيال الميثولوجيا وعالم الواقع: الخير والشر في القصص الخيالية قد يُرسما بوضوح، لكنهما في الواقع يختلطان بحسابات السلطة والمصلحة. في النهاية، حتى أعتى الأشرار في عالمنا الحقيقي سيصلون إلى نقطة انهيار، كما حدث مع بشار الأسد الذي وجد نفسه مضطراً للهروب إلى روسيا. هذه الحكاية الواقعية تعيد لنا درساً مهماً: مهما تمادى الشرّ، سيأتي اليوم الذي تنكسر فيه شوكته، وستبقى ثورات الشعوب -مثل الثورة السورية– شاهداً على ذلك.
ما هي الميثولوجيا؟
الميثولوجيا هي مجموعة من القصص والأساطير التي نشأت لدى الشعوب والحضارات القديمة، وتتضمّن حكايات عن الآلهة والأبطال والكائنات الخارقة للطبيعة، بالإضافة إلى تفسير نشأة العالم والظواهر الطبيعية والحياة والموت. تُعَد الميثولوجيا مصدراً مهمّاً لفهم المعتقدات والثقافة والأدب والفنون لدى الحضارات، إذ تحمل معانٍ رمزية تعكس رؤية الناس للعالم من حولهم، وقيمهم الأخلاقية والاجتماعية، كما تؤثّر في الأدب الحديث والفنّ والسينما وغيرها من المجالات الإبداعية.
ملاحظة: المصادر في هذا المقال فقط للتثقيف وليست مرجعا للمقال بذاته.
