
مقدمة
تُقدِّم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كرمز عالمي لـ”الديمقراطية وحقوق الإنسان“، لكن التاريخ والوقائع على الأرض يسردان قصة مغايرة. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، قادت أمريكا حروبًا وتدخلات عسكرية أودت بحياة ملايين المدنيين، وزعزعت استقرار العديد من الدول، من فيتنام إلى العراق وسوريا.
هذا المقال يكشف بالأرقام والحقائق الموثقة كيف تحولت الولايات المتحدة إلى قوة مدمرة تُمارس الإرهاب باسم “الحرية” و”مكافحة الإرهاب”.
1. الحروب الأمريكية: سجل من العنف
على مدار تاريخها، شاركت الولايات المتحدة في حروب وتدخلات عسكرية في أكثر من 70 دولة منذ عام 1945، قضت خلالها 226 عامًا من أصل 244 عامًا من تأسيسها في حالة حرب. هذه التدخلات غالبًا ما تم تبريرها بحجج مثل “مكافحة الإرهاب” أو “نشر الديمقراطية”، لكن النتائج كانت كارثية على الشعوب المستهدفة.
أ. الحرب على فيتنام (1955-1975)
- الخلفية: تدخلت أمريكا في فيتنام بحجة منع انتشار الشيوعية. استخدمت أسلحة كيميائية مثل “العامل البرتقالي”، مما تسبب في تدمير بيئي وصحي طويل الأمد.
- الأرقام:
- مقتل ما بين 1.5 إلى 3.8 مليون فيتنامي، معظمهم مدنيون.
- خسارة أمريكا لـ 58,000 جندي وتكبدها خسائر اقتصادية بقيمة 1 تريليون دولار (بقيمة اليوم).
- النتائج: هزيمة أمريكا وانسحابها عام 1975، مع ترك فيتنام في حالة خراب وأزمات إنسانية.
ب. غزو العراق (2003-2011)
- الخلفية: أطلقت أمريكا غزو العراق بحجة امتلاك صدام حسين لأسلحة دمار شامل، وهي ادعاءات أثبت لاحقًا أنها كاذبة.
- الأرقام:
- مقتل ما بين 100,000 إلى 1 مليون عراقي، معظمهم مدنيون، وفقًا لتقديرات دراسة “لانسيت” (2006) ومنظمات حقوقية.
- نزوح 4.7 مليون عراقي داخليًا وخارجيًا.
- خسارة أمريكا لـ 4,500 جندي وتكلفة مالية تجاوزت 2 تريليون دولار.
- النتائج: تدمير البنية التحتية العراقية، إطلاق العنان للصراعات الطائفية، وظهور تنظيمات إرهابية مثل داعش.
ج. الحرب في أفغانستان (2001-2021)
- الخلفية: أطلقت أمريكا الحرب على أفغانستان بحجة مكافحة تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر.
- الأرقام:
- مقتل أكثر من 170,000 شخص، بما في ذلك 46,000 مدني، وفقًا لتقرير مشروع “تكاليف الحرب” بجامعة براون.
- نزوح 5.9 مليون أفغاني.
- تكلفة الحرب على أمريكا حوالي 2 تريليون دولار.
- النتائج: انسحاب أمريكا عام 2021 مع عودة طالبان إلى السلطة، مما أظهر فشل الحرب في تحقيق أهدافها.
د. التدخل في سوريا (2014-الآن)
- الخلفية: تدخلت أمريكا في سوريا بحجة محاربة داعش، لكن تدخلها شمل دعم فصائل معارضة وتدمير بنية تحتية.
- الأرقام:
- مقتل حوالي 350,000 شخص في الحرب السورية (حتى 2021)، بما في ذلك مدنيون قُتلوا في غارات أمريكية.
- تدمير مدن مثل الرقة، حيث أدت الغارات الأمريكية عام 2017 إلى مقتل مئات المدنيين وتشريد الآلاف.
- النتائج: زعزعة استقرار سوريا، تقوية الفصائل المتطرفة، واستمرار الوجود الأمريكي غير الشرعي في مناطق النفط السورية.
هـ. التدخل في ليبيا (2011)
- الخلفية: قادت أمريكا وحلف الناتو تدخلاً عسكريًا لإسقاط نظام معمر القذافي بحجة حماية المدنيين.
- الأرقام:
- مقتل حوالي 22,000 شخص وتشريد مئات الآلاف.
- تكلفة التدخل حوالي 1.1 مليار دولار على أمريكا.
- النتائج: تحولت ليبيا إلى دولة ضعيفة تسيطر عليها ميليشيات، مع تفاقم أزمات الهجرة والإرهاب.
2. الأساليب الإرهابية: من القنابل إلى العقوبات
لم تقتصر الولايات المتحدة على الحروب المباشرة، بل استخدمت أساليب أخرى تُعتبر إرهابية في تأثيرها:
- القصف النووي: قصفت أمريكا هيروشيما وناغاساكي عام 1945، مما أدى إلى مقتل 140,000 إلى 226,000 مدني، وهو أول استخدام للأسلحة النووية في التاريخ.
- العقوبات الاقتصادية: فرضت أمريكا عقوبات على دول مثل العراق (1990-2003)، تسببت في وفاة حوالي 500,000 طفل بسبب نقص الغذاء والدواء، وفقًا لتقارير اليونيسف.
- الاغتيالات والطائرات بدون طيار: استخدمت أمريكا طائرات بدون طيار لتنفيذ اغتيالات في دول مثل اليمن وباكستان، مما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين كـ”أضرار جانبية”.
3. من الديمقراطية إلى الإرهاب: الأسباب والدوافع
- المصالح الاقتصادية: تسعى أمريكا للسيطرة على الموارد مثل النفط في العراق وسوريا، والمعادن النادرة في أفغانستان.
- الهيمنة السياسية: حاولت أمريكا قلب أنظمة حكم في 127 دولة لضمان حكومات موالية لها.
- صناعة السلاح: الحروب تغذي صناعة الأسلحة الأمريكية، حيث تصدر أمريكا أكثر من 35% من الأسلحة العالمية.
- تبرير كاذب: استخدام حجج مثل “أسلحة الدمار الشامل” أو “مكافحة الإرهاب” لتبرير التدخلات، رغم أنها غالبًا تخدم أهدافًا جيوسياسية.
4. النتائج: إرث من الدمار
- خسائر بشرية: قتلت الحروب الأمريكية ملايين الأشخاص، معظمهم مدنيون، وتسببت في نزوح عشرات الملايين.
- زعزعة الاستقرار: أدت التدخلات إلى ظهور تنظيمات إرهابية، حروب أهلية، ودول فاشلة مثل ليبيا والعراق.
- فقدان الثقة: أصبحت أمريكا رمزًا للنفاق في نظر العديد من الشعوب، حيث تدعي نشر الديمقراطية بينما تدمر المجتمعات.
5. الخاتمة
تحولت الولايات المتحدة من دولة تروج للديمقراطية إلى قوة تُمارس الإرهاب العالمي من خلال حروبها المدمرة، العقوبات الاقتصادية، والاغتيالات. الأرقام تتحدث عن نفسها: ملايين القتلى، تريليونات الدولارات في الخسائر، ودول مدمرة. إن إنهاء هذا الإرث يتطلب من المجتمع الدولي مواجهة هذه السياسات، ومن الشعوب المطالبة بالعدالة والمساءلة. الحل يكمن في احترام سيادة الدول وإعطاء الأولوية للسلام بدلاً من الهيمنة.