نحن نواجه خطرًا وجوديًا حقيقيًا، كأبناء المنطقة العربية وكأمة إسلامية، يتجاوز التحديات العادية التي تمر بها الأمم. هذا الخطر المتمثل في الحملة الصهيوصـ.ـليبية التي تستهدف أوطاننا وهويتنا، لن نستطيع مواجهته بفعالية ما دامت مجتمعاتنا ممزقة بالصراعات الداخلية التي تنخر في جسدنا الواحد.
إن الوحدة هي السلاح الأقوى الذي نحتاجه اليوم، ولن تتحقق هذه الوحدة إلا إذا تصالحنا مع بعضنا البعض. من هنا، تكمن المسؤولية بالدرجة الأولى على عاتق الأطراف التي تنتمي إلى محور المـ.ـقاومة. هذه الأطراف مطالبة بالوقوف في وجه العدو الصهـ.ـيوني بيد، وفي الوقت نفسه تمد يدها نحو الداخل لطمأنة الشركاء ورفع المظالم وتطييب الخواطر. لا يمكن للمقاومة أن تنجح في معركتها ضد العدو الخارجي ما دامت تمارس استعلاءً أو ظلمًا داخليًا أو تتورط في مظاهر الهيمنة والتشبيح. لا بد أن تدرك أن القوة الحقيقية تأتي من وحدة الصف الداخلي وتماسك الجبهة الداخلية.
في هذه اللحظة التاريخية الحرجة، حان الوقت لاتخاذ خطوات عملية وشجاعة تبدأ **بتصفير الخلافات الحالية أو تجميدها على الأقل**. يجب على المقاومة أن تقود هذه المبادرة من خلال اتخاذ خطوات تعزز الثقة الداخلية. على سبيل المثال، **إطلاق سراح المعتقلين السياسيين** في لبنان، العراق، اليمن، وسوريا، يمثل خطوة أولى نحو تخفيف التوترات. هؤلاء المعتقلون يجب أن ينالوا حريتهم في إطار تفاهمات تعزز حقوق الجميع وتضمن العدالة بعيدًا عن منطق الهيمنة والاستبداد.
من الأمثلة المهمة على ذلك هو قضية الشيخ **أحمد الأسير** ورفاقه. إن إطلاق سراحه في هذا التوقيت يمكن أن يكون له تأثير كبير في تحصين المجتمع وتوحيد صفوفه. فالعائلات المنكوبة بسبب أحداث **عبرا** تحمل جراحًا لم تلتئم بعد، ومعالجة هذه القضية يمكن أن تسهم بشكل فعّال في تضميد الجراح، وتعزيز التلاحم الداخلي. هؤلاء الأفراد يمكن أن يكون لهم دور إيجابي ومؤثر في توجيه الطاقات نحو العدو الحقيقي، بدلًا من استمرار الانقسامات الداخلية.
هذا التوجه هو خطوة ضرورية **لتحصين الجبهة الداخلية**، ولطي صفحة الصراعات الداخلية والعداوات التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد. عندما ننهي هذه الصراعات، نكون قد خطونا خطوة كبيرة نحو كسر موجة الاستعلاء الصهـ.ـيوني العاتية، وسندمر قطار التطبيع الذي يسير بسرعة نحو تطبيع العلاقات مع الكيان الصهـ.ـيوني، ونُفشل مخططات النتن وعصابته المتوحـ.ـشة التي تسعى لتفكيكنا من الداخل.
إذن، المطلوب الآن هو شجاعة القيادة، وحكمة المواقف، وقرارات جريئة تنهي العداوات الداخلية وتعيد توجيه البوصلة نحو العدو الخارجي. حينها فقط سنكون قادرين على مواجهة التحديات بصف واحد، وقوة لا تقهر، وكرامة لا تُهزم.