النفقة الفاصلة!
-
العدو اليوم يريدها المعركة الفاصلة الأخيرة، وقد تكون قيامته المنتظرة. بينما رجال الله ماضون في حرب استنزاف، مستمرين بما تبقى لهم من إعداد في ظل هذا الخذلان المستطير. ووصيتهم الوحيدة لكم هي القيام بشؤون أهلهم، فإن ما يصلهم من خيركم لا يغطي حد الاحتياج العاجل. كل نفقة الآن تختلف عن أي نفقة سابقة.
-
وهنا يأتي الحديث: “من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبعمائة”. فضل النفقة يتجلى في تميّز موقعها وحُسن توقيتها وجلال زمانها. وأيضًا في المال الذي يزيد عن الحقوق المعجّلة؛ فلا يُضارّ فيها صاحب حق من والدٍ أو ولد أو ذوي النفقة الواجبة. الدفاع عن هذه الأرض الثائرة ورد هذا العدوان الكبير أصبح في حكم وجوب النفقة.
-
ثمة وجه آخر لقراءة الحديث يُبرز المعنى بطريقة مختلفة. في بعض كتب اللغة، يتم قراءة “نفقة فاضلة” على أنها “نفقة فاصلة“. وهذا له اتجاه في المعنى قوي ومتين؛ حيث تكون هذه النفقة فاصلاً بين الحق والباطل، أو بين الإيمان والكفر، وبين الوجود والعدم. إنها النفقة الفاصلة بين النصرة والخذلان، وبين الجدارة والحقارة.
-
هذه النفقة الفاصلة هي اليوم الأشد وجوباً، الأعظم حاجةً، والأعجل نداءً. إنها الأبلغ استغاثة، الأمضَى سلاحاً، والأعلى أجراً في حساب الله؛ لأن من أنفقها اليوم بسبعمائة. ومن يؤديها اليوم يُعتبر بدرِيّ هذا الزمان، ولا يضره ما يفعل بعد ذلك، لأنه في ولاية الله العليا.
-
وإذا انتهت هذه الحرب ولم يكن لكم اعتبار في جُندها، فهي الخسارة الفادحة، العار المستمر، والذلة القائمة، ولن يكون هناك عزاء للجبناء.