أعصاب المرأة في التسوق
قد تمتلك المرأة أعصابًا فولاذية في مواقف عديدة، لكن أكثر ما يثير استغراب الرجال هو قدرتها على خوض مغامرة التسوق دون تردد أو خجل. حتى عنترة بن شداد، المعروف بشجاعته ومصارعته الأسود، ربما ما كان ليجرؤ على دخول متجر بهدف “مشاهدة كل شيء” وطرح الأسئلة عن أي شيء دون نية الشراء، مع محفظة خاوية تمامًا!
مشهد من تجربة شخصية
يعترف الكثيرون – وأنا منهم – بشراء أشياء لا نحتاجها فقط لأننا نشعر بالخجل من البائع. وهنا يتجلى الفارق بين المرأة والرجل بوضوح. ذكر الأديب أنيس منصور في كتابه (200 يوم حول العالم) أنه كان في سنغافورة يستمتع بمشهد رائع لمحل خضراوات وفاكهة، وفجأة اقترب منه البائع ليقنعه بشراء ملابس داخلية (لا صلة لها بالخضراوات أصلًا!). فخرج أنيس من المحل وفي يده أشياء لم ينوِ مطلقًا شراءها أو حتى السؤال عنها.
كلما تقدم العمر زادت الجرأة
كلما تقدمت المرأة في العمر، ازدادت ثباتًا وجرأةً على الفصال دون أدنى شعور بالحرج. تعرّفتُ على سيدة اعتادت دخول متجر بحثًا عن غرض تعرف مسبقًا أن ثمنه 100 جنيه. كنت أطلب منها الانسحاب حينما يعلن البائع عن السعر، لكنها ترفض وتواجه الموقف بنظرةٍ حازمة:
- السيدة: “20 جنيهًا!”
- البائع: (بشيء من السخرية) “85 جنيهًا فقط، وربحُنا لا يتجاوز 5 جنيهات!”
يستمر الفصال لوقت طويل، والبائع يقسم ألف مرة بقبر أمه (التي ربما تكون جالسة بالفعل في زاوية المتجر!). في النهاية، تنجح السيدة في شراء الغرض بـ 40 جنيهًا فقط، لكنها لا تكتفي بذلك، إذ تُخرج 20 جنيهًا من حقيبتها، وتؤكد أنها لا تملك سوى هذا المبلغ وتطلب من البائع أن يعوّض الفارق في المرة المقبلة.
حيلة أقوى
بعد محاولات البائع المتعبة، تقترح السيدة بجرأة خارقة:
- “سأقترض منك خمسة جنيهات للعودة إلى منزلي؛ لأنك لم تترك لي نقودًا كافية!”
يستسلم البائع مذهولًا، ويناولها الخمسة جنيهات ليتخلّص من هذا الموقف. فلو طلبت مفاتيح بيته أو رقم حسابه المصرفي، لأعطاها لها من شدة الانهاك!
نهاية المطاف
نغادر المتجر وقد صار السعر 15 جنيهًا (فعليًا، إن احتسبنا القرض)! لكن السيدة تهمس بحسرة:
“ربما لو بذلت مجهودًا إضافيًا لصار بعشرة جنيهات!”
وأما أنا فأُعلِّق قائلًا:
“لو بذلت جهدًا أكبر، لأعطانا البائع مالًا بدلًا من أن ندفع له، أو ربما أهدانا المتجر بأكمله!”
تختم السيدة بقولها:
“أنا لا أحب أن يخدعني أحد.”
هكذا تحوِّل هذه القوة التفاوضية أعصاب الباعة إلى حطام؛ فالموقف الذي يستحيل على أغلب الرجال تحمله، يصبح مغامرة مثيرة بالنسبة للمرأة. وكما ترى، تظل أعصاب المرأة في التسوق أقوى من أعصاب الرجل بكثير، ولا يمكننا أن نصل لمستواهن تحت أي ظرف!
الخلاصة
- قوة أعصاب المرأة تتجلّى بوضوح في عملية التسوق والفصال.
- الرجال غالبًا ما يتورطون في شراء أشياء لا يحتاجونها خجلًا من رفض البائع.
- التفاوض يعتبر معركة شرسة للمرأة، بينما يعُدُّه الرجل كابوسًا يتمنى الفرار منه.
- كلما تقدمت المرأة في العمر، ازدادت ثقة وثبات أعصاب في مواجهة البائعين.
- من يدري؟ ربما لو امتد الوقت أكثر لأهدى البائع متجره للمرأة التي تفاصل بثبات وجدية!